شعر : ظنّوكَ بالصّمت مُرتاحا ً
كل واحد منا، تعتريه ساعات أو أيام، إن لم تكن شهور من الكآبة والاغتراب، هذا إن لم يكن ممن يعيشون جلّ أيامهم غرباء في بلادهم ومع أهليهم...بسبب ما نعانيه من افتقار إلى السعادة، وانشغالنا بهموم الدنيا عن إعطاء انسانيتنا أبسط حقوقها من تواصل وتراحم ومواساة.
حتى أصبح المجتمع ماديا بكل ما تعنيه الكلمة، فالمصلحة هي الشغل الشاغل لكل منا، والجفاء والجحود والنكران هما الوباء الحاصل....حيث نجد أنفسنا وقد تعترينا أجواء داهمة من الوحشة والشعور بالغربة إن لم يكن الاغتراب مع أنفسنا وأهلنا واحبتنا....من وسط هذا المشهد كانت هذه القصيدة:
ما بالُ عيْنَيكَ..... َيجفُو النّوم ُ ....مَاٰقِيها ؟
تَطوي النَّهار َ........وما....قَرَّتْ...... لياليها!
نامَ الوَرى.......ثُمّ غَطّوا في الكَرَى.... بقِيَتْ
تُسامِرُ النّجمَ ........تاقتْ......... مَن يُواسيها
يُطارِدُ الأرَقُ.......... المشبوب ُ........ غفوتَها
يُصَدّعُ النفس َ.........نارٌ في.............. أثافيها
حديثُها الصّمت ُ .........والتّنهيد ُ.....نشوَتُها
وَالآه ُ.........وَثبَةُ ريحِ السُّهدِ ..........تُضريها
مِن بَعد ....مَا كان وصلُ الصّحب ِ.....دَيدَنَها
صارت بِمَنأى ً.........وكل الصّحبِ..... جافيها !
بالأمسِ........ كان مُناهُم....... وصلَها.....أبدا ً
فبات ذلكَ......... ذكرىً..........أنتَ..... تُحييها
وأنتَ......... وحدك َ.......ساقِيها........ومُعتِبُها
تَزور ُ أطلالَها...........باِلآه ِ..................ترويها !
قَلاك َ.....صَحبُكَ.......عِبئاً..... صِرتَ ....تُثْقِلُهُم !
تُنبيكَ.......... أعيُنُهم.........تُبدِي .......خوافيها
مِن نظرةٍ .....عَرَضَتْ...... شَزرَى...........تُحلّلُها
مِن أُختِهَا.........لا تُبالي .......عينُ ......مُلقيها !
*. *. *. *. *.
فَلَا ........ضَمائرُهُم.......... تَصحُوا... إذا غُمِزَتْ!
وَلا........ تَفِلُّ .......عَِقالَ اللُّؤم ِ...............أيديها !
تلك َ..... الضّمائرُ ما اهتَزّتْ.......... وما انفَجَرت ْ !
لا مَدَّ........ أَو جَزْرَ .....يَستَعدي ..........شَواطيها !
لا غَيم َ .........في أُفْقِهَا...... بِالوَدقِ....... ..يُنعِشُها
جَرداءُ ...........ما عَرَفَتْ ..........خِصباً .....رَوابيها
كم بِتّ َ....... تَندُبُ أيّاما ً.......خَلتْ............ بَدَداً!
تَرُومُ ...........عَودةَ........ أَمْواهٍ. ............مَجاريها
زَهِدتَ بالذّاتِ.......... وَالّلذَّاتِ ................مُعتَكِفاً
مِحرابَ نَفسِكَ............ إذ خابَت........... مَساعيها
تلَعثَمَ النُّطقُ ..........مَذبوحاً.........على....... شَفَة ٍ
ذَوَى .........تَبَسُّمُها...........غاضَتْ............ مَغانيها
أضحى لِسَانُكَ ..........عَيّاً........ينطوي...... سَقَماً
ماتَت ..........شَهِيّةُ أُنْسٍ.........كُنتَ........ حاديها
وصِرتَ......... تدخلُ في الأفكارِ.............. مُعتَرَكاً
يزيدُ......... تِيهَكَ ......... إغراقاً.............. وَتَمويها
حتى....... لنَفسِكَ....... حِيناً ليس َ......... تَفهَمُها!
هذا الزَّمانُ............... أضاع الُّلبَّ........... ..راعيها
هذا الزّمانُ .............الذي أخفى............. براءتَنا
أبكى قصائدَنا.................غُصّتْ............. قوافيها !
هذا الزّمانُ.............. الّذي....... أَودَى....... ببَسمَتِنا
وَأَلزَم َ...........النَّفسَ........ظِلّ الحزنِ........ يطويها
*. *. *. *.
ظَنّوكَ....... بِالصّمتِ........ مُرتاحاً..........وما عَرَفوا
كم يُشعلُ ...........الصّمتُ هَمّاً...........ناءَ صاليها!
لقد .........تَفَحَّمَ........... غَضُّ الغصنِ.......مُحتَرِقاً
والتُّربُ............ كَبّلَها.....إذْ...... نامَ ..........مُورِيها
وَالهَمُّ في النفس......مثلُ الجَذل ِ..... إنْ... حُرِقتْ
رَطيبَةً ..........وحَسيسُ النّارِ .................يشويها !
إذْ.......... ماؤُهَا .......يحرق ُ الأحشاءَ......... مُستعِراً
وذاكَ........ دُونَ العِدا...........للنّفسِ........... يُرديها !
*. *. *. *.
يا نَفس ُ..... ثُوُري ......على الأحزانِ........ وابتسمي
دُنياكِ ..........سوف َ تُوَلّي...... ما النَّوَى .......يُبقيها
دُنياكِ ...........ذَاهبةٌ ..........والكلُّ............. تأخذُهُمْ
سَفينَة ُ........ الموتِ...........راضيها............. وقاليها
لا تَستحِقُّ .........ضَياع َالعُمرِ..........في.......... أَسَفٍ
لا تَستحِقُّ .............قَضاءَ ........الوقتِ........ نَرثيها
قبلَ الرَّحيلِ............ تَعَالَيْ ...........نَحتسي.... فَرَحاً
وَننتَشي.............. ثُمَّ ........للأحزان............ نطويها
لنَحتَسي.......... نَخْبَ أيّامٍ..........مَضَتْ............. أَلَماً
قبل َ الرَّحيلِ........... ونقضي................. حُلْو َ باقيها
فَنَزرَع ُ.......... البسمَة َ .......الغَنّاءَ ..............عابقة ً
ونغرِسُ.......... الحُبَّ....... ...والآمال َ......... نَجنيها
ونُطلق ُ......... الضّحكةَ........... الرّيّا .........مُدوّيَةً
تُعيذُنا........ الهَمَّ ...............والأسقامَ........ تُقصيها
وَتطرُدُ........... البؤسَ ......والأحزانَ........... تزجُرُها
فَبَسمَةٌ............. تعدِلُ........... الدّنيا............وما فيها!
وبسمةٌ ...........تعدلُ .......الدّنيا...............وما فيها!
* * * * *&&&&&* * *
ملاحظات:
1. ألقيت هذه القصيدة في قاعة مديرية الثقافة..جنين يوم الاثنين الموافق ل 12 كانون الثاني عام 2004 م...بحضور لفيف من الشعراء والأدباء والمفكرين والفنانين من محافظة جنين،وكان من بينهم عميد الشعر الشعبي الفلسطيني موسى الحافظ أطال الله عمره حيث اعترضني وأنا أقرأ البيت:
قبل الرحيل تعالي نحتسي(قدحاً)
هكذا كانت في الأصل فقال بما معناه: (قل فرحا أفضل )
وقد نزلت عند رغبته.البيت 28.
2.نشرت هذه القصيدة في مجلة أشرعة من منشورات المركز الفلسطيني للثقافة والإعلام جنين..الطبعة الأولى سنة 2008م ص.30.. 31.
اثنان وثلاثون بيتا على البحر البسيط...رابا...مساء السبت 31 اب 2002م.
مع تحياتي....حسام صايل عوض البزور.
3-اوردت في القصيدة صورة منقرضة من واقع الريف وهي صنع الفحم وكيف أن كومة الحطب المحترق تحت التراب لا أحد يشعر بحرارتها وألمها كالهموم داخل نفس الإنسان.
ووردت كلمات:
*- موريها: مشعل نارها....بعد تغطيتها بالتراب.
*- الجذل: أصل الشجرة الذي تنبعث منه الجذور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق