الخميس، 18 يونيو 2020

ضاع ‏العمر ‏يا ‏وطني/بقلم ‏عادل ‏حسن

.                   ضاع العمر ياوطني 
.                     قصة قصيرة                                            

لم يكن أيوب يدري أنه بعد تحقيق حلمه القديم وزواجه بسعدية التي كان يتمناها دهرا بأكمله أن يكون هذا مصيره ونهاية حلمه وأمله ونهاية كل شيء  .. 
فبعد أن تم زفافه على محبوبته وفي صبيحة الزفاف يفاجأ أيوب بوالده ينادي عليه مع طلوع الشمس  ....
 أيوب أنزل بسرعة لابد أن نذهب للغيط.
  أيوب : كيف ياوالدي أذهب للغيط وأنا لم أهنأ بعد بليلة عرسي؟ الأب : الأيام الآتية كثيرة وستهنأ كما تريد لكن اليوم لابد أن نذهب غيط عمك الحاج سعيد لنروي القمح وهو نبه بضرورة ذلك 

أيوب : لكن ياوالدي أنا  ... الأب : علينا ديون بسبب زواجك ياأيوب اسمع الكلام وانزل  . أيوب : حاضر ياأبي ... ويرتدي أيوب ملابسه لينزل لأبيه  ...

سعدية : إلى أين أنت ذاهب؟  أيوب : لن أغيب عليك .... لحظات وسأعود  .. سعدية : وهل هذا ينفع يا أيوب؟ أيوب : للضرورة أحكام ياسعدية.  سعدية : لاتغب ياأيوب وأنا في انتظارك سأعد الفطار وأنتظرك.  أيوب : إن شاء الله. 

  ويذهب أيوب مع أبيه صابر إلى غيط الحاج سعيد ليقوما بعملهما وما إن مرت ساعة حتى جاء العمدة إليهما يطلب من صابر أن يترك غيط الحاج سعيد هو وابنه لأنه يريدهما في عمل عنده
 فيرد صابر : ياحضرة العمدة أننا لا نقدر أن نترك غيط الحاج سعيد اليوم اتركنا اليوم ومن الغد سنأتي إليك ولكن العمدة لايعجبه الكلام فينهال بعصاه على صابر قائلا كيف لمثلك أن يعصي لي أمرا  .. 
ولم يطق أيوب مذلة أبيه وإهانته فأمسك بطوبة من الأرض وقذف بها العمدة فوقع العمدة وقد فقد حياته 
وتم الحكم على أيوب بالأحكام الشاقة المؤبدة رغم أنه كان في حالة دفاع عن نفسه وأبيه ولكن هناك حسابات أخرى للقوانين لايدريها إلا أهلها كل هذا وسعدية منتظرة أيوب وأمامها طعام الإفطار وتذهب من حين لآخر لتنظره ولكنه لا يأتي
 وينتابها القلق والدموع وهي عروسة لم يمر على عرسها إلا ساعات قليلة وقد غاب عنها شريك حياتها وهي لاتدري سبب غيابه وطال الغياب وجاءها أبوه ليحكي لها ما حدث وأنها فقدت شريك حياتها وكان عمر زواجهما معا ساعات قليلة وهي لاتدري ماذا تفعل وقد صارت مشتتة بين المركز والمحكمة لترى مصير زوجها حتى تبين لها أنه قد انتهى كل شيء  ... 
 وأيوب في حالة ذهول شديد كيف يفقد كل حياته ويفقد أغلى ما يتمتع به الإنسان وهي الحرية ليصبح حبيس الجدران والأوامر والنواهي والإهانة والعذاب
 ولكنه ليس لديه شيء يفعله فقد أصبح مكبلا بالقيود محدد الأفعال والأقوال وأهله من المستضعفين في تلك القرية النائية 
قرية بني عديات من قرى محافظة أسيوط لاحيلة لهم في شيء ولا مال لديهم ينقذون به ولدهم من المصير المشئوم  ...
 ويبدو أن ليل الظلم طويل وأن شمس الحرية قد غابت إلى غير رجعة فقد ضلت الطريق أو ضلها الطريق   ... 

فما لبث أن دخل أيوب عالمه الجديد حتى رأى الظلم معه رفيقا فوجد في السجن طبقات ونفوذا وأحكاما وقيودا ورأي أنه يعتزلهم تماما ولكنهم لم يتركوه فبدأوا يتعرضون له بالقول ثم بالفعل
 ولكن صبر أيوب لم يطل ليتحمل الإهانة فيوم أن تعرض له أحد أقطاب السجن  (صاصا) يطلب منه اتاوة ولما رفض تعدى عليه بالضرب ولكن أيوب كان قوي البنية فلم يسكت فرد الصاع صاعين فوقع صاصا صريع الموت
 ولم يكن أيوب يقصد موته ولكنه كان يدافع عن نفسه ولكن القانون في خصام دائم مع أيوب فتم الحكم عليه بخمس وعشرين سنة أخرى فتحقق لديه أن بقية عمره سيقضيها في السجن فهو محكوم عليه بخمسين سنة وعمره اثنان وعشرون عاما
 فلن يرى الحياة خارج السجن ولكنه لم يفعل شيئا سوى أن دافع عن نفسه 
ولكنه فقير لا يملك ما يجعل القانون معه سواء بأكابر المحامين أو غير ذلك  ....

 ومرت الأيام والشهور والأعوام وقد انقطعت عنه الزيارات بعد موت أبيه وأمه فأصبح حبيس اليأس هو يريد أن يرى الناس أن يرى الشارع ماذا يفعل؟  لم يجد أمامه حلا غير أنه يفتعل مشكلة بالمشاجرة مع أحد السجناء حتى يتم عمل قضية فيخرج في سيارة الترحيلات ليرى من نافذتها الضيقة الشوارع والناس والبيوت  ....

 وكلما اشتاق ليرى الشارع سلك هذا السلوك ....
 حتى بلغ مجموع الأحكام عليه مائتين من السنين .... لأن الطريقة الوحيدة لكي يرى الشارع مرة أخري كانت تأتي له بأحكام جديدة فقد فقد الأمل في كل شيء إلا أنه ينظر إلى الشوارع والناس مرددا كان الظلم لي صديق والقانون عدو والذل رفيق حتى ......... ضاع العمر ياوطني

.                      عادل حسن    مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عيد الحب / فاطمة الرحالي

 عيد الحب ؟!  أي حب نتكلم عنه ، و نعيد ؟! بأي قلب نفرح به و يزهر القصيد ؟ الأوطان نار و الوجع شديد .. و الخطب زاد .. سحق العباد  طال الطفل و...