الأربعاء، 23 سبتمبر 2020

بعد موتي أين سأُدفن للمبدع/ سليمان سليمان

 (( بَعدَ موتيَ أينَ سَأُدفَن )) ؟

منذُ أكثرَ من أربعينَ عاماً ،  قرَّرتُ أن أكونَ راعياً .

لَبِستُ ثيابَ الرَّعي ، وَحَملتُ عَصايَ ، ورحتُ أهُشُّ بها قطيعي .

بَدَأتِ النَّاسُ تَنظر إِلَيَّ نظراتِ العطفِ والشَّفَقة :

راعٍّ يَسرحُ ولا قطيعَ أمَامَه!!

كانَ اللهُ بعونِه!!

لكِنَّني كُنتّ الوحيدَ العارفَ ماذا أرعى ؟

في البَرِّيَّةِ وَفي جَوٍّ رَبيعيٍّ ، جاءَتني فِكرةٌ مِن أفرادِ قَطيعي ، الَّذي تَجاوزَ عَدَدُه الآلافَ ، وقالتْ لِي :

نَحنُ أفكارُكَ ، وفي رَيعانِ شبابنا ، وَتَسرحُ بِنا في هذهِ الأراضي الضَّيِّقَة .

أنتَ تَعبتَ ، وَأجهَدتَ نفسكَ حتَّى جِئتَ بِنا وكَبرنا .

دَعنا نَنطلقُ في هذا العالَمِ ، وَنَصولُ ونَجُولُ .

رُبَّمَا نَستطيعُ أنْ نفعلَ ما يُريحُكَ ، وَيُشعرُكَ بالسَّعادة .

رَاقَ لي كلامُها ،وَأَعجَبني .

استَدعيتُ القطيعَ ، وَأمَرتَهُمُ بالانتشارِ بَعيداً ، بينَ النَّاسِ وَفي أَيِّ مَكانٍ يَحلو لَهُم ، وَلْيَعمَلًوا بِشَرفٍ وَإِخلاصٍ ، كَمَا قالَت رَفيقَتَهُنّ .

اتَّفقتُ مَعَهُم ، عَلى أَنْ يَعُودَ كُلٌّ مِنهُم ، عِندَمَا يَشعُرُ أن مهمته انتهت ،وَأَنا سَأَكونُ بالانتِتظارِ بَدءاً مِنَ اليوم. 

كنتُ يَوميَّاً أزورُ المكانَ ، أمَلاً بلقاءِ عَائِدٍ جَديدٍ منهُم ، وَلكِن لا أَمَل .

مُنذُ عِدَّةِ سِنواتٍ ذَهبتً إِلى المَكانِ ، وَكانتِ المُفاجأةُ المُذهلة !!!

جَميعُ أفكاريَ عادَت بِتوابيتَ خَشَبِيَّةٍ .

وِمِا زِلتُ مُنذُ سِنينَ ، وَأنَا أُدفِنُها تِباعاً .

أَملِكُ قِطعتينِ مِنَ الأَرضِ ، وَلَم تَتَّسِعا لِدفنِ تِلكَ الضَّحايا .

مَا قَبلتُ أَن أَتركَ مَا تَبقَّى بِدونِ دفن .

أَملكُ مَبلغاً مِنَ المالِ ، 

اشْتريتُ بِهِ قِطعةَ أرضٍ جَديدة .

دَفنتُ بِها الباقِيَ ، وَلَم يَبقَ مُتَّسعُ لِوافِدٍ جَديد. 

الفِكرةُ الوحيدةُ الَّتي وُلِدَت عِنديَ فَجأةً :

لَا مالَ بَقِيَ لَدَيَّ

لَا أَملِكُ أرضاً 

بَعدَ مَوتِيَ أَينَ سَأُدْفَن؟

- بِقَلَمِي :سليمان سليمان


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عيد الحب / فاطمة الرحالي

 عيد الحب ؟!  أي حب نتكلم عنه ، و نعيد ؟! بأي قلب نفرح به و يزهر القصيد ؟ الأوطان نار و الوجع شديد .. و الخطب زاد .. سحق العباد  طال الطفل و...