لِقَاؤَنَا جَاء صُدفه
الشَّاعِر / إمَام الصَّعِيدِيّ
رَأَيْتهَا بَعْدَ فِرَاقِ أَخَذَ مِنْ الْعُمْرِ دَهْرا
فَقُلْت سُبْحَانَ مَنْ أَضَاء لَيْلِي وَأَرْسَل لَه بَدْرا
بِصَوْتٍ خَافِتٍ كَيْ لَا يَصِلُ مسامعها
فَإِذ بِهَا تبتسم وَتَقُول
أمازلت فِي غَزَلِي تَكْتِبُ شِعْرا
أمازلت تَذْكُرُنِي وَهَل قِصَّتِي
لَهَا فِي أشعارك ذَكَرا
فَقُلْت وَقَد فَاضَت مِنْ عَيْنِي الدُّمُوع
كَأَنَّهَا صَحْرَاء وَقَدْ شُقَّ بِهَا نَهْرا
لَازَال يجرفني الْحَنيْنُ ولازلت أَذْكُر
عيناكي شِعْرًا وَنَثْرا
لَم يَكْتَفِي الْفُؤَادِ مِنْ الْأَنِين
وَتَحَمَّلَت فَوْق الصَّبْر صَبْرا
عَشِقْت مِنْ أَجَلِك سِنِين
كنتي فِي أَرْضِ الْعِشْق وَرَدٌ وزهرا
فَلَمَّا غبتي عَنْ عَيْنِي كَأَنِّي
جِئْت إلَيّ الدّنْيَا نَاقِصًا بَصَرا
فاقتربت مِنِّي وَالْحُزْن يَمْلَؤُهَا قَائِلُه
لَا أَجِدُ لِنَفْسِي غَيْر الْقَدْر مِنْك عُذْرا
مَا عِشْتُ يَوْمًا بَعْدَك وَلَمْ يُفَارِقْ
حَتَّى حُلْوَ الْمَذَاقِ شَرِبْته مُرا
ذكرياتي وَقَد أخفوا مَلاَمِحُهَا
وعشت حَيَاتِي ذُلٌّ وَقَهْرا
فعاهدت رَبِّ السَّمَاءِ بِأَنَّنِي لَن افْتَح
لِلْقَلْب بَاب حَتَّي يُحْفرَ لجسدي فِي الْأَرْضِ قَبْرا
وَلَم يُخفني إلَّا أَنْ تَضِيع عُيُونِي حُزْنًا
فَيُظْلمُ لَيْلِي وَلَا يَظْهَرُ لَهُ قَمَرا
وَلَا تَعُدْ تَرَاك صَدَفَة عَيْنِي
أَكَان لِقَاؤنَا بَيْن الْخَلَائِق جَهْرا
أَمْ بَيْن زَرْعِ وَنَخْلٍ لِيَكُونُوا عَنْ أَعْيُنِ الْخَلْق لَنَا سِتْرا
لَا يَهُمَّ إنْ كَانَ فِي عَشِيَّةِ يَوْمٍ أَوْ حَتَّى فَجْرا
فَمَن شَوْقِي إلَيْك أرسم ملامحك فَوْق جلبابي
وَدَمْعُ الْعَيْنِ كَأَنَّ لريشتي مداَدا وحبرا
أَوْشَك اللَّيْلِ إنْ يَنْقَضِيَ فَذَهَبَت دُونَ أَنْ تودعني
عَسَى أَنْ يجمعني بِهَا ذَاتَ يَوْمٍ قَدْرا
الشَّاعِر / إمَام الصَّعِيدِيّ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق