الاثنين، 26 أكتوبر 2020

دوار القمر الحلقة الأخيرة للمبدع/عبده داود

 دوار القمر

الحلقة الأخيرة

لينا أخت عادل، أدركت بأن أموراً غير طبيعية تجري في بيت أبو يوسف...

  يوسف لم يحضر طلبة العروس، يوسف لم يأتي إلى دعوة الغذاء عند أهلها، يوسف لم يحضر إلى الحفلة الراقصة في الكنيسة... هي تعرف بأن الأمور غير طبيعية بين يوسف وعادل، وتعرف بأنهما لا يحبان بعضهما البعض، لكنها كانت تتناسى تلك الأمور وتقول لا بد في المستقبل ستعود المياه الى ساقيتها...

عادل ذهب لجامعته، وسوف يعود لسهرة نهاية العام. 

يوسف هاتف أهله وقال: النمر سيأتي معي ليسهر معنا سهرة نهاية العام، أرجو أن تهتموا بواجبه، وأخبروا فيروز أن تهيأ ذاتها لاستقباله.

انقلب فرح بيت أبو يوسف إلى بكاء وهموم، كيف سيتصرفون، وكيف سيستقبلون هذا المجنون؟ 

علم بيت أبو عادل بالأمر وجن جنونهم هم الآخرين، ثم وصل الخبر إلى عادل، وأصابته حمى هستيرية مجنونة دفعته لشراء مسدساً غير مرخص، وأقسم بأنه سيقتل يوسف، وضيفه الحقير...

أم يوسف كانت تتضرع للخالق لينهي هذه الكارثة التي سيجلبها عليهم أبنها.

لينا خافت أن ينفذ عادل تهديده ويرتكب حماقة كارثية، عندها سيخسر حياته إلى الأبد...

  قالت: دعوني أذهب إلى لبنان ومعي فيروز وعادل، وسيعودان بعدما تهدأ الأحوال. 

بالفعل ذهب عادل وخطيبته مع لينا... وكم فرح الأولاد بخالهم الذي يحبهم كثيراً، وفرحوا أيضاً بوجود خطيبة خالهم الوجه الجدي في العائلة...

رحب زوج لينا اللبناني كثيرا بالضيوف... وأحضر أطعمة ومشروبات كثيرة  تحضيراً لعشاء نهاية السنة احتفالاً بعادل وخطيبته...

لينا وعائلتها يسكنون في جوني، بالقرب من مركز التليفريك  لذلك كان سهلاً على  العروسان زيارة حريصا بالتلفريك حيث تمثال العذراء هناك، وهناك يصليان ويطلبان  من السماء المساعدة في تسكين آلام أهلهما، وتعينهما على تجاوز هذه المحنة التي اسمها النمر...

الحقيقة الصعود بالتلفريك من جوني إلى حريصا والصلاة هناك  يجلب السعادة للنفس، ويهدأ كل تشنجاتها وانفعالاتها، حيث التأمل بمنظر البحر الأزرق بلا نهاية، ومنظر جبال لبنان الخضراء، هما  سحر الجمال الذي خلقه ربنا على الأرض، ويشعر  المصلي الذي يستنجد بالله بإيمان حقيقي، بالأمان  والسعادة وسكينة الفكر والقلب... وينسى معاناة  الأرض وأوجاعها... 

في دوار القمر، ليلة العيد، وصل يوسف ومعه النمر حاملين معهما  الهدايا والمأكولات والمشروبات بسخاء، متأملا أن ينهيا موضوع فيروز، ويحصل النمر عليها رغم أنف الجميع، النمر لم يتعود أن يخسر أبداً...سيأخذ فيروز شاءت أم أبت، بالمال هو يشتري، بالحماقة سينهب العروس رغماً عنها، وعن أهلها  وسيتزوجها قسراً...

  وصل إلى قرية دوار القمر، وليس عنده استعداد العودة إلى دمشق بدون العروس... 

لكن المفاجأة الصادمة، فيروز ليست بالبيت...

سأل يوسف باستغراب أين فيروز...لا إجابة من أحد... 

أعاد يوسف السؤال بانفعال، وبصوت عالي، وسأل أين فيروز خطيبة النمر؟

رد أبوه الذي لا يعرف الكذب يوماً، لكنه أراد كسر شر مراد النمر وقال: يا أبني فيروز تزوجت خطيبها عادل، وذهبت معه، ولا ندري أين ذهبا، هي لم تخبرنا شيئاً، أحدهم أتصل بنا، وأخبرنا بالأمر...

أصدقائي، أرجوكم إعفائي من وصف ما حدث في بيت أبو يوسف حينذاك، جن جنان يوسف، وأخرج النمر مسدسه وأخذ يطلق النار على سقف البيت  وجدرانه مما جعل أهل الحارة يرتجفون من صوت العيارات النارية...

  ومن المعروف في القرية عادة   تطلق بعض العيارات النارية في تمام منتصف الليل في لحظة نهاية عام وبداية عام جديد، وحتى هذه ممنوعة أصلاً، لأنها تسبب كوارث عديدة من الرصاصات الطائشة،  أما  اطلاق النار في هذه الساعة المبكرة، هذا يعني مكروهاً ما يحصل... 

وقف النمر ليرحل  وارتجف بعصبية وقال أنا النمر لا أحد يدوس على طرف حذائي، وقال  ايضاً الطلقات التالية ستكون في قلب هذا الكلب عادل...

ولحق به يوسف، لكن الانفعال والكيد كادا يفجرانهما... 

بعدما خرجا سقطت أم يوسف مغمى عليها، ركضت حنان إلى عيادة دكتور العيلة، قالوا لها نزل إلى دمشق، الثاني غير موجود في العيادة، ولا أحد يعرف أين هو،  الثالث سافر يزور أهله في ليلة العيد. صدفة شاهدت جورج في الشارع، وأخبرته بأن أمها سقطت مغمياً عليها، ولا تجد دكتور يسعفها، قال تعالي وذهبا إلى عيادة دكتور الأسنان، والد جورج، وقال: بابا أرجوك أم حنان بحاجة إلى انعاش أرجوك تعال ساعدها...

ترك دكتور الاسنان مريضاً على كرسي العيادة، وذهب مسرعاً... 

بعد فحص سريري سريع،  أعطاها ابرة منعشة وأخذ يرش وجهها بالماء، وشيئاً فشيئا استعادة وعيها... واستغربت ماذا يجري في بيتها، جورج ووالده ماذا يفعلان عندهما...

كانت تلك أول مرة يدخل  فيها  جورج إلى دار أهل حنان ويتعرف على العائلة عن كثب...

في دمشق قال النمر: اليوم سننهي وجود هذ الكلب عادل، فيروز تفضل هذا الصعلوك على النمر!  

أعطى النمر يوسف بعض الممنوعات المغلفة،  وقال جد من يدخل غرفة ذاك  الحقير عادل، ويضع  هذا الكيس بمكان مخفي، وكلاب الشرطة سوف تكتشف مكانه... 

  بعد العيد عاد عادل الى جامعته،  وعادت فيروز الى عملها بالمدرسة، وجامعتها في التعليم المفتوح...

اكتشفت كلاب الشرطة مكان المخدرات، وعممت الشرطة البحث عن عادل، وأحضروه من الجامعة، والأصفاد بيديه بتهمة ترويج المخدرات في الجامعة. 

لاحقا أظهرت البصمات الغريبة في الغرفة والتحريات حول المشبه بهم، ومن مطابقة بصمات يوسف على بصمات الكيس، أعترف يوسف بفعلته وبمن أعطاه الكيس، وأحضروا نمر العيسى الملقب بالنمر  وكشفت التحقيقيات أشياء، وأشياء ومنها التزوير في أوراق المصرف الرسمية...ومتاجرة النمر في الممنوعات...

اعتذرت الشرطة من عادل وفتحوا له أبواب السجن،  وأقفلوا أبواب الحديد على النمر ويوسف إلى سنوات طويلة  لا تنتهي...

أم يوسف لم تعد تنام في الليل، ودموعها دائمة لضياع أبنها في السجون.

أبو يوسف لم يعد يذهب لعصرية الرجال وصار خجلا من الناس...

فيروز وحنان غابت فرحة حياتهما.

 

كتبها: عبده داود

الى اللقاء برواية جديدة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عيد الحب / فاطمة الرحالي

 عيد الحب ؟!  أي حب نتكلم عنه ، و نعيد ؟! بأي قلب نفرح به و يزهر القصيد ؟ الأوطان نار و الوجع شديد .. و الخطب زاد .. سحق العباد  طال الطفل و...